Thursday, November 6, 2008

عندما صاحت السيدة كارول: لقد فعلها أوباما..فعلها..فعلها يا ميشيل

كانت ثلاث خطوات فقط تفصل بين السيدة كارول صاحبة هذا المنزل وبين راشيل الفتاة ذات ال14 ربيعا التي أمسكة لوحة مرسومة لباراك أوباما ووضعتها بجوار وجهها وهي تتابع أخبار الانتخابات علي شاشة سي إن إن.عندها صرخت راشيل : "اووووووه لقد حصلنا علي نيوهامبشير"..عندها قفز الجميع فرحا،فقدت حسمت نيوهامبشير امرها لصالح باراك اوباما. وعندما قطعت راشيل هذه الخطوات الثلاث وضعت علي الطاولة التي تتوسط الصالة طبقا من البطاطس الشيبسي امام ما يقرب من عشرة مراهقين سود يتابعون ما يجري في كل ولاية،عن طريق الانترنت وشبكات التلفزيون الامريكي.

وحينها قالت لها إحدي الصديقات اللوائي يملأن المنزل:لي صديق يتصل من ولاية أخري يقول لي نحن نسير بصورة جيدة..أوباما يحصد الاصوات ياكارول..إنه يفعلها..عندها مالت كارول علي الارضية الخشبية لصالة منزلها ثم لمستها طويلا بينما تضغط علي اسنانها فرحا "تاتش وود".

كارول سيدة سوداء في نهاية الثلاينات،لديها ثلاثة اطفال،وتحظي بمكانة عالية بين مجتمع الافروامريكيين في مدينة سيراكيوز بنيويورك،لذا فقد كان طبيعيا ان تختار ثماني عائلات من اصول زنجية بيتها لتترقب فيه نتيجة الانتخابات.

الدخول الي بيت كارول لايستدعي الكثير من التدقيق كي تدرك انك في عالم متكامل خاص بالسود.فبين حوالي 22 شخصا في هذا المنزل ،قبيل اعلان النتيجة، كان الجميع يرتدي تي شيرتات تحمل صورة اوباما او ملصقات تشير الي تأييده،بينما اختار تشارلز(15 سنة) ارتداء تي شيرت يحمل صورة القس البروتستانتني مارتن لوثر كينج،بينما موسيقي الراب تصدع من مكان ما،ويقوم كل ثلاث دقائق تقريبا احد المراهقين ليرقص علي ايقاعها.

تنحيت عن طريق السيدة كارول وهي توزع المزيد من بوسترات التأييد علي الطاولة لأجدها تضع علي احدي الرفوف عددين من إحدي المجلات المختصة بعالم السود،كان غلاف العدد الأول يحمل صورة اوباما،بينما الثاني يحمل صورة ميشيل زوجته،وبعدهما بعدة سنتيمترات كتاب اوباما الاشهر "من أحلام والدي".

وعندما دخلت السيدة ميشيل التي تبدو في أواخر الخمسينات ،هلل المراهقون احتفاءا بها وهللت السيدات اللوائي برفقة كارول،فقد كن مشغولات حينها باعداد اكواب البيبسي وأطباق الفراخ المحمرة والمكرونة والحلوي.

قالت لي ميشيل :"أوباما هو الشخص الصح في المكان الصح،انه الرجل الذي سيضع الامور في نصابها". قلت لميشيل هل لي أن أسألك لماذا اشعر ان تأييد هذا المنزل لاوباما راجع بالمقام الاول لانه اسود؟ فردت :"انه يعكس عالما يفيض بالانسانية،انه يمثل خلفية ما تدعو للتفاؤل،الامر ليس لانه اسود فقط..انظر الي ما يمثله باراك اوباما".

ولم تكد تكمل جملتها التالية حتي صرخت راشيل :" ياهوووووووووو لقد حصلنا علي بنسلفانيا" فهلل الجميع وتركتني راشيل وراحت ترقص مع الصبية المراهقين فرحا بفوز السيد اوباما بولاية أخري...وصاحت كارول :"أوباما يفعلها..انه يفعلها يا ميشيل!".

ساعتها

أخذت فيفان ذات الستة عشر عاما زمام المبادرة وقالت لي :"انا أنتمي لعائلة من الطبقة المتوسطة..ببساطة شديد سيهتم بي اوباما ولن يفعلها ماكين"

أخرجت السيدة كارول من الثلاجة تورتة (يصل مقاسها تقريبا الي 40 سم في 20 سم) يحمل نصفها صورة مرسومة لباراك أوباما، ولدي رؤيتها هللت النساء وأطلقن صيحات الفرحة.لكن شيئا ما حدث جعل كارول تحبس أنفاسها .."لقد ضاعت نورث كارولينا" هكذا همست راشيل!

لم يبدد صمت ضياع نورث كارولينا وانحيازها لصالح جون ماكين سوي المزحة التي أطلقتها بيري ذات الخمسة عشر ربيعا وهي تخاطبني :"أتود أن تعرف لماذا أشجع باراك اوباما؟" أومأت لها أن نعم،فأمسكت صورة زيتية له ووضعتها بجوار وجهها وقالت :"لانه يشبهني..ألست تري؟ إنها ذات الملامح". هنا تقول "جاكي" ذات السبعة عشر عاما: لا نعتبر ان اول رئيس اسود هو باراك اوباما..فلدينا جون إف كيندي وبيل كلينتون!

ضحك الجميع،من المزحة التي ترمي الي انهم سود يؤيدون مرشحا اسودا..هكذا هي الحقيقة أو جزء منها!

عندها سألت تشارلز ذي السبعة عشر عاما :"لماذا ترتدي تي شيرت يحمل صورة مارتن لوثر كينج الليلة؟"..فرد تشارلز :"أنا أشجع باراك اوباما..وقد كان لكينج حلم..ولاوباما حلم ايضا..انه نفس الحلم..أنا اشجع الحلم".

ثم أردف تشارلز :"انا اتفق معه في سياساته سيما فيما يخص الخارج والقضايا الاقتصادية وموضوع الطاقة" ثم يستدرك :" ماكين رجل جيد ايضا..لكني أميل لاوباما".

تعبت من طول الوقفة التي امتدت لثلاث ساعات تقريبا،وحينها جلست بجوارهم علي الكنبة،وتناولت الصورة الزيتية لاوباما التي تناولتها بيري منذ قليل،فإذا في الصورة تغييرات في الملامح عن الشكل الاصلي..هذه الصورة جعلت اوباما زنجيا اكثير من اللازم!..لقد وسعوا فتحتي انفه وغيروا شيئا ما في ملامحه..عندها لاح تي شيرت تشارلز الذي يحمل صورة مارتن لوثر امام وجهي،فإذا بشبه كبير بين الرجلين بعد التعديل!

هنا يقول جورج الذي يرتدي تي شيرت كبير يحمل صورة اوباما :"سياسة اوباما الخارجية ومقاربته الاقتصادية تروقاني جدا..بينما ماكين ليس كذلك يا تشارلز".

جاءتني السيدة كارول وقالت لي برقة بالغة :ألا تريد أن تتناول أي شيء؟ فشكرتها بشدة،فكررت:من فضلك ان احتجت شيئا ما قل لي،وبينما نتبادل الابتسامات الرقيقة صاحت بييري :"أوووووووووه بنسلفانيا معنا..بنسلفانيا لنا!".

حينها هلل الجميع وصرخوا وراح الاطفال يمرحون هنا وهناك بينما البالونات الحمراء لا تفارق ايديهم،ومن وقت لاخر يوقعون شيئا من مكانه هنا او هناك،الي ان اصطدم بي احدهم،ذو اربعة سنوات فقط،سألته عن اسمه فقاله لي..لم اسمعه جيدا فتهجاه بعنف ! لم استوضحه فسألته لماذا تشجع باراك اوباما،فوضع اصبعه في فمه وقال :"لانه لطيف!".

هنا التقطني فرانك ذو الاحد عشر عاما بعدما انهي مكالمة هاتفية مع احد الاصدقاء وقال لي :"يقولون ان اوباما اشتراكي..انا أؤيده، واعتقد ان شيئا من الاشتراكية مطروح فعلا في سياسته،لكنه شيء سيقودنا للامام وسيحسن اوضاعنا".

وصل المنزل في هذه اللحظة الي درجة من الزحام لايمكن وصفها،الضجيج من كل مكان،راشيل ترقص علي اغنية راب،جورج يتناول طبقا من الحلوي ويقطع الطريق من وقت لاخر،كارول تتمم علي ضيوفها،ميشل تلتقط صورا فوتغرافية من وقت لاخر وتهلل وتصيح "أوباما ياهووووووووووووو".

إلي أن بث التلفزيون تقريرا تفصيليا عن الوضع أشار الي تقارب نسبة الرجلين،عندها وجم الجميع وشهقت كارول،وصمت الاطفال وخيم صمت ما علي المكان لمدة دقيقة تقريبا،بدت خلاله اطباق الحلوي كما لو كانت تشاركهم الصمت هي الاخري وبدا كل شيء في المنزل محبطا،حتي الاثاث نفسه.

راح الحاضرون يستأذنون رويدا رويدا،واضطررت لترك منزل السيدة كارول فقد وصلت الساعة الثانية عشر الا عشر دقائق تقريبا،وحين قطعت المسافة عائدا نحو الفندق،بينما الطرقات هادئة جدا،سمعت صيحات النصر :"أووووووووووووووووووووووووووووووه..فعلها أوباما..فعلها"

No comments: